القصة الكاملة للطفل المهاجر لايطاليا بحثا عن علاج لشقيقه ورد فعل الحكومة المصرية
«الغد» يكشف المسكوت عنه في قصة «طفل لامبيدوزا»
«أهل الخير، اصطحبوا أحمد إلى إيطاليا، دون علمنا، دون مطالبتنا بقرش واحد، كونهم يعرفون ظروفنا المادية وما نعانيه من قلة ذات اليد، ولم نكتشف مغادرته مصر إلاّ بعد 4 أيام من اختفائه.. جاء من يسوق إلينا نبأ وفاته غرقًا في مركب للهجرة غير الشرعية، وكنّا ننتظر وصول جثمانه حتى حدثت المفاجأة»، هكذا قالت الأم سامية إبراهيم فرج، في اتصال هاتفي لـ«الغد» من داخل مستفى الشيخ زايد التخصصي، حيث بدأ نجلها أشرف الشقيق (الأصغر) لطفل لامبيدوزا في تلقي العلاج من مرض نقص الصفائح الدموية.
على مدى الأيام العشرة الأخيرة، تصدرت صورة الطفل المصري المهاجر إلى إيطاليا وكالات الأنباء حول العالم، وبدأ المتطوعون في الربط بين قصة الطفل أحمد، الذي سافر إلى إيطاليا في رحلة هجرة غير شرعية للبحث عن علاج لشقيقه أشرف، وبين الشاب الإيطالي جوليو ريجيني، الذي قتل في ظروف غامضة أثناء وجوده في القاهرة قبل عدة أشهر، وارتفعت حدة التصريحات التي اتهمت السلطات المصرية بالتقصير في علاج أحد الأطفال من مرض سرطان الدم، بينما تستعد إيطاليا لاستقباله على الرحب والسعة وعرضت علاجه، بينما ذهب آخرون إلى كون القصة ملفقة والبطل وهميًا.
الحلقة المفقودة
وبدأت في مصر رحلة البحث عن أسرة الطفل، بعد أن نفت وزارة الصحة وجود اسم شقيق الطفل مرعي على قوائم مرضى السرطان الذين يتلقون العلاج بأي من مستشفياتها، وراح المسؤولون المحليون يؤكدون أنه لا وجود للطفل بأيٍ من مراكز محافظة كفر الشيخ، أو حتى محافظة البحيرة، اللتين تطلان على البحر الأبيض المتوسط، وكأنما يحاول كل منهم دفع التهمة عن نفسه، وهو ما دفع وزير الصحة المصري أحمد جمال الدين راضي إلى نشر أرقام الوزارة بعدة صحف محلية مناشدًا أسرة الطفل التوجه إلى أقرب مستشفى حكومي لبدء علاج ابنها المصاب، وأكد الوزير أن «علاج مرضى الأورام وسرطان الدم مدرج بقائمة الأمراض التي تعالج على نفقة الدولة، والتى تولي لها وزارة الصحة اهتماما بالغا، حيث تم خلال الفترة من يوليو/تموز ٢٠١٥ حتى يوليو/تموز ٢٠١٦ علاج ٥ آلاف و٨٤٦ مريضا بتكلفة بلغت ٢٣ مليونا و١٣٩ ألف جنيه، كما تم علاج ١٠٠ ألف مريض أورام بتكلفة بلغت ٧٧١ مليونا و١٧٧ ألف جنيه خلال ذات الفترة»، وأوضح الوزير أن «هناك ٩ مراكز لعلاج الأورام وسرطان الدم تابعة للوزارة، بالإضافة إلى جميع المراكز بالمستشفيات الجامعية والتي تقدم الخدمة لمرضى الأورام، وأن اسم الطفل ليس مدرجًا بسجلات أيٍ منها، وليس موجودًا في طلبات تقدم بها مواطنون للعلاج على نفقة الدولة».
وفي غمرة المشهد، الذي عكس عجز الأجهزة الحكومية في مصر عن العثور على أسرة طفل تصدرت صورته عناوين الصحف ووكالات الأنباء حول العالم، بدأت عملية الربط بين قصة «طفل لامبيدوزا» وبين حادث قتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في مصر، وما أثاره من أزمة بين البلدين، ليدور الجميع في دائرة مفرغة بحثًا عن حلقة مفقودة في سلسلة بدايتها إيطاليا، ونهايتها في إحدى قرى الوجه البحري بدلتا النيل.
وفيما كان المسؤولون يؤكدون ألّا وجود للأسرة في مصر، كانت الأم تقطع الطريق ذهابًا وإيابًا لاستخراج جوازات السفر والحصول على تأشيرة الدخول لإيطاليا برفقة نجلها المريض ورضيعتها جنى للحاق بالبطل المرابض على شاطئ إيطاليا في انتظار قدوم أسرته لعلاج شقيقه.
اللغز
تواصل الأم في حديثها لـ«الغد»، «بعد نجاحي في استخراج جوازات السفر، والحصول على تأشيرة الدخول لي ولرضيعتي والطفل المريض، فجأة انقطع التواصل مع السفارة الإيطالية، التي رحبت بنا في البداية، وتم نقل طفلي إلى مستشفى الشيخ زايد التخصصي بواسطة وزارة الصحة المصرية، لأفاجأ بمستوى الرعاية وحسن الاستقبال، حيث بدأ الأطباء في إجراء الفحوصات اللازمة والتحاليل التي من شأنها تحديد من أي مرحلة يبدأ العلاج، والتي لم تظهر نتائجها بعد».
وشددت الأم، على رغبتها في نقل الفتى إلى إيطاليا، لأننا «سمعنا أن لديهم علاجًا يقضي على المرض، وليس مجرد مسكنات»، على حد قولها.
علاج الطفل ووالده
أعلن وزير الصحة المصري أحمد عماد الدين راضي، أن أسرة الطفل أشرف فؤاد يوسف مرعي، استجابت لعلاجه على نفقة الدولة داخل مصر، بعد أن كانت مصرة على علاجه بإيطاليا، مشيرا إلى مساعي وزارة الصحة والسكان لإقناعهم بأن علاج نجلهم متوافر بمصر وهو حق أصيل كفله الدستور لجميع المصريين.
وأوضح وزير الصحة والسكان، أنه فور استجابة أسرة الطفل المريض أمس الجمعه، تم إرسال سيارة إسعاف مجهزة لمحل إقامتهم في مركز مطوبس محافظة كفر الشيخ، حيث تم نقل الطفل ووالديه إلى مستشفى الشيخ زايد التخصصي بالقاهرة، وكان في استقبالهم فريق طبي من مختلف التخصصات، لافتا إلى أن والد الطفل طلب علاجه هو أيضا من فيروس «سي» وقد تم الموافقة على طلبه.
وأشار الوزير، إلى أنه فور وصول الطفل إلى المستشفى تم توقيع الكشف الطبي المبدئي عليه وإجراء الفحوصات والتحاليل الطبية اللازمة له من صورة دم واختبارات سيولة الدم ووظائف كلى وكبد، لافتا إلى أن نتائج الفحوصات الأولية للطفل أظهرت أنه ليس مريضا بسرطان الدم، وإنما يعانى من مرض وراثي بالدم «نقص مناعي بالصفائح الدموية».
وتابع الوزير المصري، أن الطفل كان يتابع حالته المرضية بمستشفى الشاطبي في الإسكندرية منذ عامين على نفقة التأمين الصحي، وهو الأمر الذي تسبب في التخبط حيث كانت السلطات المصرية تبحث باسم الطفل في كشوف المستفيدين بالعلاج من السرطان، وليس نقص الصفائح الدموية، مشيرا إلى أن مرض الطفل يأتي في صورة نوبات وأزمات ربوية وتتحسن حالته بمجرد إعطائه جرعات الكورتيزون، وأن آخر تلك النوبات مضى عليها عامان كاملان.
«طفل لامبيدوزا» في رعاية «السفارة المصرية»
من جهته أكد سفير مصر في إيطاليا عمرو حلمي، أن السفارة قد تواصلت بالفعل مع الطفل المصري أحمد فؤاد يوسف مرعي، حيث انتقل المستشار أيمن ثروت نائب رئيس البعثة إلى دار الرعاية الصحية بمدينة فلورنس، التي تستضيف الطفل حاليًا، وذلك للاطمئنان عليه صحياً ونفسياً وتقديم الرعاية اللازمة له.
كما أكد المسؤولون الايطاليون بالمدينة، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أن الطفل المصري يحظى برعاية كاملة داخل الدار، وتم توفير مترجم لغة عربية للتواصل معه بسهولة، كما أجريت الفحوص الطبية اللازمة له، إذ يعاني من بعض الألم في قدمه وأنه يقوم بالاتصال بوالديه تليفونيا بصورة يومية.
ليست هناك تعليقات